رغم أن فوائد الغذاء النباتي حقيقة راسخة في معظم الأحوال، فإن لحم البقر لازال واحدا من أفضل مصادر الفيتامين «ب» الضرورية لتصنيع خلايا الدم الحمراء والحفاظ على سلامة الجهاز العصبي، كما أن اللحم البقري يعد مصدرا جيدا للزنك والفسفور والحديد.
وكما هو معروف فإن اللحم المفيد لك هو مفيد لباقي البشر، ويشار بالطبع إلى وجود صلة ما بين صحة اللحم والطريقة التي يتم من خلالها إنتاج اللحم. ولاشك فإن التغذية وصحة البيئة كلها عناصر مرتبطة معا ارتباطا وثيقا.
أغذية غير مناسبة
معظم اللحوم التي يستهلكها الأميركيون يتم تغذية الأبقار المنتجة لها على علف الحبوب. ويتم على الأغلب ذبح ما بين 10000 رأس و20000 رأس أسبوعيا في الميدويست الأميركي كل أسبوع. وهو نظام متبع له صلة بالعجلة الاقتصادية ونجاعتها وليس بالبيئة. ولتربية المواشي صلة وثيقة بالنفقات المالية حيث يلجأ مربو الماشية إلى تسمين الماشية في أقل وقت ممكن وبنفقات أقل. ولكن لهذا الأسلوب في تربية الأبقار مضامين صحية تمس الماشية نفسها والبيئة وبالتالي صحة البشر المستهلكين لتلك الأبقار.
ونظرا لأن زحمة المكان بالنسبة للأبقار هي وسيلة مرجحة لانتقال المرض فيتم حقن الماشية بصورة دورية بمضاد حيوي. ولتسمين الماشية حتى تكبر بسرعة غالبا ما تحقن بهرمونات النمو وتتم تغذيتها بصورة دائمة بالحبوب مثل الذرة والشعير، وهي أغذية أثقل على أجسامها من الحشائش الطبيعية
كما يمكن أن تتعرض لمخاطر جديدة وهي زيادة ترسب نسبة المبيدات الحشرية في أجسامها. كما أن روث الأبقار التي تنتجها الأبقار في الزرائب تلوث مياه الشرب وتخلق غازات طيارة ورائحة كريهة لا تطاق.
كما أن أكثر الأمراض لفتا للنظر التي تصيب الأبقار هي جنون البقر. ويمكن أن تلتقط الأبقار العدوى المرضية عندما تتناول علفا يحتوي على بقايا حيوانية وتنتقل هذه الأمراض من رأس إلى آخر، وبعض تلك الأمراض تشكل خطورة على حياة الإنسان أو أنها قاتلة.
وفي ضوء ذلك تقوم بعض البلدان بمنع مربي الماشية من إطعام رؤوس الماشية لديها الحوا يا من الحيوانات المختلفة. ولكن النقاد يرون أن إدارة الدواء والغذاء ومفتشي وزارة الزراعة الأميركية لا تولي تلك المسائل اهتماما كبيرا وكل الإجراءات الصادرة عنها مليئة بالثغرات. ولا تزال صناعة لحوم الماشية لا تجري اختبارات سوى على %1 من ماشيتها للكشف عن وجود أمراض تضر بالصحة البشرية.وبسب ذلك الإهمال أوقفت أكثر من 60 بلدا استيراد لحوم الماشية الأميركية.
والحقيقة فإن ضرر المضادات الحيوية قد لا يلحق بالحيوانات بقدر ما يلحق بالإنسان.كما أن الاستخدام غير الطبي للمضادات الحيوية على الحيوانات الزراعية قد يؤدي إلى التهديد بإضعاف الإنسان للمضادات الحيوية في حال مرضه.كما تتيح المضادات التي تعطى للحيوانات الفرصة لخلق ظروف لظهور أنواع مقاومة من البكتيريا.
في كل الأحوال فإن مستهلكي الهامبورجور هم الذين سيدفعون الثمن من صحتهم.
الحلول العضوية
هناك بلا شك بدائل لنظام تغذية الماشية، وهناك نموذج يبرهن على ذلك وتترجمه مزرعة براثر رانش الواقعة في كاليفورنيا الشمالية في وادي بوت الخصيب عند سفوح جبال سيسكيو. وقد تأسست المزرعة في العام 1964 وقامت على تربية الماشية التي تخرج شهاداتها عن إدارة الغذاء والدواء الأميركية عل أنها عضوية.
ولتأكيد تلك السمة فإن الماشية في تلك المزرعة لا يتم حقنها بالهرمونات أو المضادات الحيوية كما يتم إطعامها غذاء طبيعيا بالكامل خاليا من الروث أو من فضلات لحوم الحيوانات. كما تتطلب تربية مثل تلك المواشي العضوية أراضي عضوية أيضا خالية من أية مواد اصطناعية. ويعني ذلك أراضي خالية من المبيدات الحشرية والكيماويات وأن يكون مضى على وقف استخدام تلك المواد ثلاثة أعوام.
وصرح دوج ستونبريكر مالك المزرعة «إننا مصممون على الالتزام بهذا التقليد، وتجنب تلويث المياه التي تشرب منها الحيوانات بروث البقر على نقيض المزارع الأخرى التي تتسم بتلوث المياه والمكان الذي تتناول فيه غذاءها كما أننا نقوم بزراعات حولية في المزرعة أي أننا ننتقل من زراعة حقل لموسم وننتقل لنزرع حقلا آخر في موسم مختلف.
وفي ضوء تلك السياسة نستطيع القول إننا قادرون على الحفاظ على الماشية على المساحة التي نمتلكها وهي 15 ألف هكتار منذ أجيال وستظل الأرض نظيفة وخالية من أي تلوث.
وفي كل الأحوال إذا كانت قاعدة «ما نأكله يرسم ملامح شخصيتنا» صحيحا فإن نفس الشيء ينطبق على المواشي. فإذا قمنا باستهلاك لحومها فإن المطلوب منا هو الحرص على نوعية الغذاء الذي تتناوله والعناية بطريقة تربيتها أيضا. والحقيقة فإننا لا نعيش في فراغ لأن صحتنا بالدرجة الأولى هي انعكاس لصحة كل العالم والكائنات من حولنا على سطح الأرض، وكل ما نأكله ونشربه ونتنفسه